History is a guide to navigation in perilous times. History is who we are and why we are the way we are
David C. McCullough
في العصور القديمة
لآلاف السنين, كان الحساب من الأمور المهمة للأنسان, ليحصي عدد ماشيته وممتلكاته وحساب أيامه, ولهذا اخترع الإنسان الاول الارقام ليستعملها كرموز منفصلة عن ممتكلاته ليستطيع حسابها, ووضع أنظمة رقمية مثل النظام الستيني الذي كان استخدامه منتشرا حتى منتصف القرن الثاني قبل الميلاد, والذي يعود إليه تقسيم الساعة الى 60 دقيقة والدقيقة إلى 60 ثانية, وهناك النظام العشري الذي ظهر في الفترة ما بين 400 ق.م و400 ب.م في الهند, وهو الذي نستخدمه الان لسهولته وسرعته في عمليات الجمع والطرح, وهناك النظام الثنائي الذي تستخدمه الحواسيب الإلكترونية اليوم وهو يستخدم الرمزين 0 و 1 ليشكل منهما كل الارقام.
ثم تطور استخدام الأرقام واحتاج الانسان بأن يقوم بعمليات الطرح والضرب والقسمة, وكلما ازدادت العمليات الحسابية التي يحتاج أن يقوم بها أنشأ مفهوما رياضيا جديدا كاختراع الصفر والكسور والارقام السالبة والخيالية, او ابتكر آلة تبسط ما تراكم من تعقيدات أضيفت للحساب وتوفر عليه الكثير من الوقت والجهد.
الاباكوس
الأصابع والصخور والعظام كانت الادوات الأولى التي استخدمها الإنسان للعد, ثم اخترع الاباكوس وهي تعتبر أول آلة حاسبة تقوم بعمليات الجمع والطرح والتي يعتقد البعض ان اصلها يعود للحضارة البابلية, وكانت في البداية عبارة عن لوح رخامي مع مجموعة من الحصى ثم كان لكل حضارة نسختها الخاصة من الاباكوس مثل النسخة الصينية والروسية واليابانية والرومانية. وفي القرن السابع عشر قام جون نابيير بتطوير الاباكوس لتصبح قادرة على إجراء عمليات الضرب والقسمة والجذر التربيعي.
وفي منتصف القرن السابع عشر اخترع بليز باسكال آلته الحاسبة الميكانيكية باسكالين ليساعد والده في تسهيل عمله لجمع الضرائب لإحدى المدن الفرنسية. وهي تعتبر بداية لسلسلة من الابتكارات لعدة آلات حاسبة ميكانيكية جاءت بعدها في أوروبا. وتم إضافة بعض التعديلات عليها بعد إصدارها مثل إمكانية الضرب والقسمة بطريقة تلقائية (وليس بتكرار الجمع او الطرح). وظلت تتطور ويتم استخدامها إلى أن ظهرت أولى الآلات الحاسبة الإلكترونية.
باسكالين |
القرن التاسع عشر
الكمبيوتر الذي نعرفه اليوم هو نتاج جهود رجلين من القرن التاسع عشر وهما:
- جورج بول الذي حاول تحويل المنطق الى معادلات رياضية فجاء بمنطق بول او الجبر البوليني الذي تعتمد عليه كل الحواسيب اليوم في عملها.
- تشارلز بابيج صمم اول كمبيوتر ميكانيكي يعرف بالمحرك التحليلي (كان يستخدم النظام العشري وليس الثنائي) و يحتوي على معالج وذاكرة (أو المصنع والمخزن كما سماهما بابيج) ويمكن ادخال المعلومات واخراج النتائج منه باستخدام البطاقات المثقوبة (الحواسيب اليوم تستخدم نفس التصميم الذي وضعه بابيج لمحركه), ولكن لم يتم صنعه في حياة بابيج بسبب عدم تمويل الحكومة البريطانية له, ظل كتصميم فقظ لكنه كان سابقا لعصره. وكان لبابيج مساعدة تدعى ادا لافليس وهي تعتبر اول مبرمجة بالعالم لها رسم تخطيطي احتوى على شرح عن البرمجة يعتبر من اول ما نشر حول البرمجة, ومن توقعاتها عن المحرك التحليلي انه سيتمكن في المستقبل من تأليف الموسيقى وإنتاج الرسومات وحل المسائل الرياضية والعلمية. وهذه تعتبر نظرة تنبئية واسعة لما يمكن ان يقوم به الكمبيوتر خارج مجال الحساب وهذه النظرة لم تكن موجودة في الكتابات المعاصرة عن الحواسيب في زمنها.
إحصاء عدد سكان الولايات الأمريكية المتحدة
في عام 1880 أجرت الولايات المتحدة الامريكية احصاء لعدد السكان, وقام جيش من الموظفين بالعمل على تنظيم البيانات وتحليلها بشكل يدوي, واستغرقت هذه العملية حتى تمكنوا من نشر نتائج إحصاء السكان أكثر من 5 سنوات. في الاحصاء التالي لعام 1890 أخذ مناقصة إجراء الاحصاء رجل يدعى هيرمان هولريث, فقام باستخدام البطاقات المثقوبة ليحفظ فيها بيانات الاشخاص (العمر والجنس والمدينة) ليستطيع قرائتها من منظم الجداول الالي الذي قام هو بتطويره, واستطاع أن يظهر نتائج أكثر من 62 مليون شخص بعد سنتين فقط من الاحصاء بميزانية أقل بكثير من الاحصاء السابق. بعدها أنشأ هولريث شركة تقوم بصناعة الات تنظيم الجداول التي كانت تتطور سريعا بسبب حاجة العديد من الشركات لها, واندمجت الشركة التي أنشأها هولريث مع شركتين منافستين ليصبح اسم شركتهم الجديدة في عام 1924 اي بي ام.
علماء القرن العشرين
إذا أردنا ان نتحدث عن بعض الشخصيات التي ساهمت بشكل كبير في دفع عجلة التطور التقني في النصف الاول من القرن العشرين فلابد ان نذكر:
- الان تورينغ اسهاماته كثيرة في علم الحاسوب ومجال الذكاء الاصطناعي والتشفير والرياضيات, فقد كانت له جهود لعمل آلات إلكتروميكانيكية لفك تشفير الرسائل الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية, ومن إسهاماته في مجال الذكاء الاصطناعي ما يعرف باختبار تورينغ الذي يجب على الحاسوب أن ينجح به لنتمكن من اعتباره ذكيا, والاختبار عبارة عن غرفتين في احدهما حاسوب وفي الاخر انسان, وبينهما حَكَم معزول عنهما يرسل عدة أسئلة ويستقبل الإجابة مطبوعة ويحاول أن يعرف من يجيبه هل هو ذكر أو انثى, فإذا استطاع الحاسوب ان يخدع الحكم بعدم استطاعته لمعرفة أيهما الإنسان وأيهما الحاسوب فحينئذ يعتبر الحاسوب ذكيا. وهناك جائزة سنوية بإسم الان تورينغ تعتبر من أعلى الجوائز التقنية مرتبة والبعض يعتبرها بمثابة جائزة نوبل للحوسبة.
- كلاود شانون لعل من أكبر إنجازاته أنه تنبه إلى إمكانية استخدام الجبر البوليني في المحولات الإلكتروميكانيكية ومن ثم في محولات الهواتف, وكان عمله هو الأساس الذي بنيت عليه فيما بعد الإلكترونيات الرقمية الذي تعتمد عليه كل الحواسيب اليوم. ويعتبر شانون من مؤسسين نظرية المعلومات التي تحاول حل إشكالية نقل رسالة عبر أي وسيط (راديو, هاتف أو تلفزيون) وأن تصل الرسالة الى المستقبل كما هي بلا أي تشويش, وقام شانون بوضع تعريف رياضي وإطار عمل لازال إلى اليوم يعتبر هو المعيار لنظرية المعلومات, واقترح تحويل أي نوع من البيانات (نصوص, صور أو أصوات) إلى أرقام ثنائية يتم نقلها عبر وسيط وأثناء النقل قد تتعرض لأخطاء أو تشويشات يجب تصحيحها, وعند المستقبل يتم تحويل هذه الارقام الثنائية إلى حالتها الأصلية. وتكون عملية الإتصال المثالية تلك التي تخلو من العشوائية والتكرار.
أول حاسوب إلكتروني
يعتبر حاسوب زد 1 الذي صممه المهندس الألماني كونراد زيوس في 1938 من أوائل الحواسيب الإلكتروميكانيكية, يقول عنه هورست ابن كونراد بأنه "أول آلة ثنائية القاعدة يمكن برمجتها بحرية في العالم" ومن مواصفات هذا الحاسوب ذاكرة تخزن 64 كلمة (22 بت). ثم قام بتطويره وعمل زد 2 وزد 3 الذي انتهى منه في عام 1941 وطور لغة برمجة للآلة أسماها بلانكالكول. وفي أثناء الحرب دمرت الغارات منزله بما فيه من تصاميم للحواسيب و الحواسيب نفسها فحاول أن يصمم زد 4 ولكنه لم يستطع الاستمرار بعمله بسبب القصف. وانتهى به الحال إلى أن تم بيعه للمعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا بعد أن استطاع تشغيله ولم يكن سريعا بحيث يستغرق حوالي نصف ثانية لعملية جمع بسيطة وست ثوان لعملية تقسيم واحدة.
في الجانب الاخر من المحيط الأطلسي عام 1946 وبسبب الحرب العالمية الثانية كانت هناك حاجة ملحة لحساب المعادلات التفاضلية المتعلقة بحساب مسارات القذائف البالستية فجاء الحاسوب الشهير إنياك من جامعة بنسلفانيا, مع أن الحرب العالمية الثانية انتهت ولم يتم الانتهاء منه تماما ولكن العمل عليه ظل مستمرا لما بعد الحرب, وكان يعتمد على الصمامات المفرغة بدل الموجهات الإلكتروميكانيكية, ويستطيع أن يقوم بـ5000 عملية جمع وطرح او 350 عملية ضرب بالثانية ويزن 27 طن. واشتقت حواسيب كثيرة اسمها منه مثل إيلياك الخاص بجامعة إلينوى وجونياك الذي صنعته شركة راند ومانياك في لوس ألاموس وكأنها تعترف ضمنيا بفضل إنياك بإستخدامها عبارة "ياك" في نهاية أسمائها.
الترانزستور
في بداية ظهور الحواسيب الإلكترونية كان يتم استخدام الصمامات المفرغة فيها والتي تستهلك قدرا كبيرا من الطاقة والحجم الكبير, إلى ان تم اختراع الترانزستور في عام 1947 وتم انشاء أول حاسوب يعمل بالترانزستور في جامعة مانشستر عام 1953 وبعدها أصبحت الحواسيب تصمم لكي تستخدم الترانزستور بدل الصمامات المفرغة.
الترانزستور أحدث نقلة كبيرة للحواسيب فحجمه أصغر من الصمامات المفرغة واستهلاكه للطاقة أقل وكذلك كمية الحرارة التي تنتج منه وفي كل عامين تقريبا يصبح من الممكن مضاعفة عدده بنفس السعر ومع استهلاك أقل للطاقة.
بعد اختراع الترانزستور جاءت الدوائر المتكاملة والتي ساعدت على تطوير المعالج الدقيق الذي جعل تصميم الحواسيب الشخصية أمرا ممكنا, وكانت بداية ظهور الحواسيب الشخصية في منتصف السبعينات, ولازلنا حتى اليوم ننعم بتطورات كبيرة في كل عام عن العام الذي يسبقه في الحواسيب التي نستخدمها ونكتشف أبعادا كثيرة لما يمكننا فعله.
روابط
مراجع
Computer Age: Twenty First Century Ecyclopedia of Science, Technology and Nature 2010
50 Mathematical Ideas you really need to know by Tony Crilly
A Brief History of Computing by Gerard O’Regan
50 Mathematical Ideas you really need to know by Tony Crilly
A Brief History of Computing by Gerard O’Regan