اسم الكتاب: تشارلز بابيج ومحركات الكمال
المؤلف: بروس كوليير وجيمس ماكلاشلان
ترجمة: عبدالكريم ناصيف
عدد الصفحات: 159
الطبعة: الاولى 2004
دار النشر: مكتبة العبيكان
أتمنى من الله أن يكون بالمستطاع إجراء هذه الحسابات بواسطة محرك بخاري.
هذا ما قاله تشارلز بابيج, المعروف بأبو الحاسوب, بعدما وجد كمية كبيرة من الأخطاء عند مراجعته لعمل مجموعة ممن قاموا بحساب القيم الخاصة بمواقع عدد من النجوم. فقد رأى أن عمله هذا مضجر ويجب أن يكون هناك طريقة أفضل لأداءه. وظلت الفكرة تجول في رأسه حتى عزم بعدها بأيام على القيام بصنع آلة حاسبة لتفادي الأخطاء.
كان لبابيج طفولة فضولية حول كيفية عمل الأشياء من حوله, وفي مراهقته كانت له مهارات في الرياضيات التي تعلمها بنفسه بالإستعانة بمكتبة مدرسته وكان يقضي أوقاتا كثيرة في تعلمها حتى صار مولعا بالجبر. وفي عام 1810 التحق بجامعة كامبردج لكن لم تعجبه مناهج الرياضيات في هذه الجامعة لأنها لم تتقدم في الرياضيات من بعد أعمال إسحاق نيوتن, ورأى بأنه لن يصبح عالم رياضيات إلا إذا تابع بنفسه تعلمها.
في الجانب الآخر كان لبابيج شخصية إجتماعية بالرغم من ولعه بالعلم, مع هذا كانت له لقاءات أسبوعية مع مجموعة من أصدقاءه يتناقشون حول مواضيع فلسفية عديدة, وغالبا ما كان يسافر مع مجموعة من أصدقاءه, وكذلك كان بارعا في الشطرنج والورق, وفي إحدى رسائله اعتبر نفسه محظوظا لحصوله على فرص ثمينة لتكوين صداقات في المرحلة الجامعية. وكان تخرجه وزواجه في عام 1814.
مع اهتمامات بابيج العلمية, ونشاطاته الإجتماعية الكثيرة, إلا أنه كان مهتما بالسياسة, فقد كان رئيس لجنة انتخابية لأحد المرشحين للبرلمان وحاول هو كذلك خوضها لأكثر من مرة ولكن لم يحالفه الحظ. وعند سفره لبعض الدول الأوروبية كان معجبا بالطريقة التي يعامل بها العالم والنفوذ الذي يمتلكه عند حكومته مقارنة مع وضع العلماء في بريطانيا, وظهر هذا واضحا في إحدى عباراته عندما قدم استقالته من منصبه كأستاذ لوكاسي للرياضيات في جامعة كامبردج بقوله: "إنه الشرف الوحيد الذي تلقيته في بلادي"
وحاول أن يغير من هذا الواقع فأسس مع مجموعة من العلماء جمعية لندن الفلكية. وبعد تأسيسها بعام طلبت الجمعية من بابيج وزميل له القيام بتحسين جداول التقويم البحري, وأثناء هذه المهمة خرج بابيج بفكرة لعمل آلة تقوم بالحسابات الروتينية بصورة ميكانيكية وهي ما عرفت لاحقا "بمحرك الفارق".
استغرق سنوات عديدة في محاولة صنع "محرك الفارق" ولكنه لم يكتمل, ثم بدأ بتصميم حاسوبه الميكانيكي "المحرك التحليلي" والذي وضع فيه أربعة أقسام لوظائف الآلة لازالت تستخدم حتى اليوم في تصميم أي حاسوب إلكتروني وهم الإدخال, الذاكرة, وحدة المعالجة المركزية والإخراج.
هذا الكتاب يذكر المراحل الكثيرة التي حاول فيها بابيج أن ينشئ آلته الأولى "محرك الفارق" ليتفادى الأخطاء التي يقع بها من يقوم بإجراء الحسابات بشكل يدوي, ثم تفاصيل توقفه عن هذا المشروع قبل أن ينتهي تماما وشروعه في تصميم آلة متطورة أكثر من سابقتها قضى في تصميمها أكثر من 20 عاما وهي "المحرك التحليلي" وهذا المحرك هو الذي جعل بابيج جديرا بلقب أبو الحاسوب.
-------
نشرت هذه المقالة في العدد 13 من مجلة عرب هاردوير